أجهزة التكييف اللي بقت بأسعار خيالية و مش موجودة أصلا كانت بتتصنع في مصر بمكونات مصرية 80% من حوالي 80 سنة، ففي سنة 1929 تم انتاج اول تكييف منزلي في الولايات المتحدة علي ايد شركة كاريير، وفي منتصف الثلاثينات بدأ الاختراع الجديد يدخل مصر ويلاقي مكانه في قصور البشوات وبعض الوزارات.
في الوقت ده كان في مهندس ميكانيكا متعلم في انجلترا و ابن بشوات اسمه محمود سعد الدين طاهر. الشاب ده كان بيشتغل في بداية الاربعينيات مع توكيلات تجارية في مصر و شاف أن صناعة التبريد و التكييف لها مستقبل عظيم.. فقرر الشاب ده، اللي كان بيمتلك أبوه 2000 فدان ومن أغنى أغنياء المنصورة، وأخوه متجوز بنت خال الملك فاروق، إنه يكون رائد صناعة التبريد و التكييف في مصر.
وفي سنة 45 قام باع ميراثه من أرض أبوه و سافر علي امريكا واشترى معدات تبريد و تكييف و اشتري أرض في رملة بولاق في القاهرة، وعمل أول مصنع لمعدات التبريد والتكييف في مصر والشرق الأوسط كله.
المصنع اتفتح سنة 45 و بدأ ينتج معدات تبريد صناعية للموانئ ومخازن المواد الغذائية، وبعدها أنتج معدات تبريد لمحلات البقالة ومراوح، وفي أواخر الأربعينات عمل اكتتاب عام في الشركة وكبّر رأسمالها و قرر يتوسع في إنتاج التكييف المنزلي ومعدات التكييف المركزي، ويعمل أول مصنع مكيفات في مصر، بالإضافة إلي شركة كاملة متخصصة في أعمال مقاولات التبريد و التكييف..
ولما نزلت عملية تكييف سينما مترو قدر ياخد المشروع من شركة كاريير نفسها.. وعمل تكييف مركزي لسينما مترو في وسط البلد سنة 1947 و بقت أول قاعة سينما مكيفة في مصر و الشرق الأوسط كله.
سنة 52 اشتري أرض جديدة في جزيرة الدهب في القاهرة وأنشأ مصنع كوليدر للتكييف.. وظهر "تكييف شباك كولدير" مع نهاية 1956.. اللي كان تقريبا 80% صناعة محلية وأرخص من تكييف كاريير بحوالي 100 جنيه، يعني تقريبا أقل في السعر ب 30%.. "كان سعر التكييف وقتها حوالي 300 جنيه مصري".
استمر العمل في الشركة و التطور اللي وصلت لأنها تكون مؤسسة عملاقة لها فروع في كتير من الدول العربية و بتصدر أجهزتها، وأيضا بتنفذ مقاولات التكييف المركزي زي تكييف مطار الظهران فى السعودية.
فى 1958 بدأت الثورة المجيدة بتأميم الشركات المصرية تأميم جزئي وأممت 50% من الشركة، وانحسرت خطة التطوير لكن استمر المهندس محمد طاهر في إدارة الشركة ومحاولة الحفاظ عليها.. لحد ما جات الطامة الكبري والظلم البيّن، وحصل تأميم كامل للشركة سنة 1961، وطبعا تحول اسمها من شركة هندسة التبريد و التكييف المصرية لشركة النصر للتبريد و التكييف، لازم تتحول للنصر طبعا، والشركة بدأت تقف وبدأ المكون الأجنبي يدخل في التصنيع عشان العمولات.. والبيروقراطية تنتشر وتعطل أي عملية تطوير..
وقرر المهندس محمود طاهر يسيب البلد بعد خمس سنين من التأميم .
و مع الوقت بدأت الشركة والمصانع تتوقف والمنتجات تقل شوية بشوية، ثم توقف إنتاج التلاجات ومعدات التكييف المركزي والمكيفات. علي الثمانينات أصبحت الشركة مقتصرة علي كونها مقاول تكييف مركزي ومصنع مبردات مياه.. وحاليا أصبحت شركة مبردات مياه فقط وخرجت من كل الأسواق طبعا..
وبقيت مصر بتستورد تكييف و كل اللي بيحصل في المصانع الحالية تجميع.
رحم الله المهندس محمود طاهر ابن البشوات رائد صناعة التكييف في الشرق الأوسط و مصر.. محمود طاهر اللي لو كان استمر كان عمل شركة عملاقة زي كاريير أو جينرال اليكتريك، وبقت صناعة ضخمة لكن الثورة المجيدة رفضت.
دي صورة اكتتاب لشركة كولدير سنة 1949.. والصورة الأولى لعبد الناصر أثناء زيارته للمصنع وهو بيسلم علي المهندس محمود طاهر، اللي بعد كده أخد منه المصنع وشركته وحلمه ودمّره.
بقلم صديق الصفحة محمد عبدالعظيم
تابعوا سينما براح عبر صفحاتنا:
www.instagram.com/cinemabra7www.threads.net/@cinemabra7www.soundcloud.com/cinemabra7www.tiktok.com/cinemabra7t.me/cinemabra7
https://cinemabra7.quora.com
