خلال العصر العباسي، كانت العلاقات التجارية بين مصر وجمهورية البندقية (فينيسيا) جيدة، وميناء الاسكندرية كانت حافلة بالتجار البنادقة. وكانت جمهورية البندقية قد اتخذت من القديس مرقس شفيعا لها، حيث اعتبروه اول من بشر بالمسيحية في بلادهم وعمَّدهم. وأمرت الحكومة هناك بإقامة كنيسة كبيرة له، ولكن رفاته في ذلك الوقت كان مدفونا في كنيسة بوكاليا بالاسكندرية، فجاء بعض البحارة البنادقة للكنيسة سنة 828م، واحتالوا على الحُرَّاس والخدم واستولوا على الجسد ولكن دون الرأس.
واستودع هؤلاء البحَّارة رفات القديس في سفينتهم بعد سرقته، وكما يروي أحد المؤرخين الايطاليين، إن السبب الحقيقي لنقل الجثمان هو أنَّه اشيع أن الحكومة المصرية كانت تهدم الكنائس ويسيئون للمسيحيين، وهُم في خوفٍ شديد على ذلك الكنز الثمين. وليحتالوا على موظفي الجمارك المصريين، غطوا رفات القديس بدهن الخنزير! وبعد ذلك أقلعوا بها إلى بلادهم، حيث استقبلوها هناك استقبالاً مهيباً، وظلت البندقية تقدس شفيعها القديس مرقس، وتتخذ لنفسها شعارا من الأسد الذي كان يقف جانبه! وليست البندقية فقط، بل وكل إيطاليا تحتفظ للقديس مرقس بمكانه كبيرة.
وبعد وصول الرفات، واهتمَّ حاكمها جوستنيان ببناء كنيسة تليق بكرامة القديس مرقس، ثم في عام 1052م بُنِيَت كنيسة من أفخم كنائس العالم هي كنيسة مار مرقس بالبندقية، وظل الرفات حفيظاً بها إلى أن تم استعادته في القرن العشرين ليُحفظ في الكرازة المرقسية بالعباسية.
#وقال_الراوي